ملخص المشكلة :
العلاقة بين صفات الله وذاته مشكلة معقدة بالنسبة للبشر ، لأنه هو الأزلي الأبدي والإنسان المحدود الزمني .
ومما زادها تعقيداً أن كل فريق من الفلاسفة ( مسيحي أو وثني أو أي دين مهما أن كان ) عزّز رأيه بأدلة لا يُستطاع الكشف عن موضع الخطأ فيها بسهولة. ولذلك نرى من الواجب أن نعرض فيما يلي ملخص هذه المشكلة على هيئة سؤال وجواب، بحسب مواجهة العقل لها ، ليتضح لنا الأساس الحقيقي للمشكلة .
1 - هل لله صفات أم ليست له صفات ؟
الجواب: أولاً لا نقدر أن نضع فكرة أن لله مجرد صفة كالإنسان ، بل نحن ننطق بكلمة صفة من جهتنا كبشر ؛ لأن الصفة في الله من أصل طبيعته وليست مجرد صفة يتصف بها ، فالعدل والرحمة والمحبة ... الخ من صميم طبيعته الإلهية ...
ثانياًالله هو كائن أزلي أبدي ، أصل الوجود ومصدر الحياة ، وحاضر بقدرة لاهوته في كل مكان وزمان معلناً عن نفسه بطرق مختلفة كثيرة . وبذلك تسقط حجة القائلين إن صفات الله اعتبارية ، أو إنها مجرد اعتقاد ، أو إنها وسط بين العدم والوجود.
2 - إذا كانت لله صفات، فهل هي سلبية أم إيجابية ؟
الجواب: إنها إيجابية ، لأن الصفات السلبية صفات ناقصة، وإسنادها وحدها إلى الله معناه إسناد النقص إليه ، وهو الكامل كل الكمال بل هو كامل فوق كل كمال نعرفه أو نفهمه ! وبذلك تسقط حجة القائلين إن الله يتصف بالصفات السلبية دون الإيجابية، أو إن الأولى أكثر مناسبة لكماله من الثانية. ذلك فهم منقوص يدل على عدم الدراية أو معرفة الله من جهة الرؤيا وإعلانه عن ذاته .
3 - وإن كانت إيجابية، فهل تُطلَق عليه بالاعتبار الذي نطلقها به على غيره، أم باعتبار آخر؟
الجواب: إن أطلقنا الصفات على الله بمعنى يختلف عن ذات المعنى الذي يُفهم منها ، لأصبح الله غير معروف لدينا . وبما أن غرضه من الإعلان عن ذاته هو أن معرفه على حقيقته ( حسب ما يتناسب معنا من معرفة ) ، إذاً لا شك في أنه قصد بالصفات " التي أعلن أنه متصف بها " نفس المعاني التي نفهمها منها ، لكن طبعاً بدرجة تتناسب معه .
فمثلاً عندما أعلن لنا أنه رحوم لا يمكن أن يكون قد قصد بذلك إلا أنه رحوم بالمعنى المفهوم لدينا إنما بدرجة تتوافق مع كماله الذي لا حدَّ له. أي بمعنى متسع يفوق كل حد لكلمة الرحمة ...
وفي نفس الوقت لا نقدر أن نعطي الله صفة الرحمة من الجهة الإنسانية المحدودة ، لأن رحمة الله وأيضاً عدله يفوقان كل حدود الإنسان الذي حينما يسمع عنها يأتي إلى ذهنه العدل الإنساني حسب المفهوم القضائي والقوانين الموضوعة ، أي من الناحية القانونية ، والتي أسقطت كثيرين في معنى مخالف لرحمة الله وعدله ، حتى أُطلقت كنظرية على سقوط الإنسان وشرح الصليب ، التي شوهته تماماً ، مظهره أن هناك صراع ما بين العدل والرحمة ، وكتبت في صورة حوار بين العدل والرحمة ، كنظرية أنسلم التي شرحناها سابقاً عن الفداء والصليب ، التي شوهته تماماً ...
وبذلك تسقط حجة القائلين إن صفات الله تُطلَق عليه كصفات اعتبارية ، ولكن – في حقيقة جوهرها – هي متسعة في المعنى من جهة عمله .