الروح القدس وتبكيت الإنسان
الروح يبكت...
إن التبكيت الإلهى هو من عملالروح القدس، وهو ليس مثل تبكيت العالم والناس. فالإنسان يبكت أخاه، لأجل اختلاففى مصلحة أو غرض أو دافع شخصي،
ولكن الروح يبكت لأجل الخلاص وحده، ولأجلالشهادة للمسيح يسوع، الذي أرسله من عند ألآب ليتمم المقاصد الإلهية.
وتبكيتالبشر بلا رحمة، ولكن تبكيت الروح فيه التوبيخ الروحي العميق، ولكن يحمل معهالمعونة والتعزية والرجاء لمن يقبل ويستجيب.
والعالم، الذي وضع في الشرير، لايقبل ما لروح الله، لأنه عنده جهالة. فالأمور الروحية لا يفهمها الدنيوي، لأنهجسدي مبيع للخطية. وأما الروحي، الذي ينقاد بروح الله، فقد تدربت حواسه الباطنيةعلى التمييز والإفراز، وأصبحت أذنه الروحية تفرق بين صوت الراعي وصوت الذئب، ودقةبصيرته الباطنية، ترى الأمور التي لا ترى كأنها موجودة، ببرهان الإيمان وحده، دونالحاجة إلى المقاييس العقلية، والأدلة الحسية والمادية.
1- يبكت على خطية :
"وأما على خطية فلأنهم لا يؤمنون"، فالرب يسوع يضع الخطية مرادفة لعدمالإيمان.. والحقيقة أن كل فكر وفعل شرير مصدره عدم الإيمان، أي عدم الثقة بحضورالله فى كل مكان وزمان. لو آمنا أن الله موجود، وأنه كائن فينا ومعنا الآن، كما فىكل أوان، لما أخطأناوتعللنا بعلل، وانحزنا إلى الظلمة، رافضين النور الحقيقي،الذي يضئ لكل إنسان آت إلى العالم.
يوسف الصديق، عندما هاجمته الخطية فى أبشعصورها، وأقسى تحدياتها أنقذه الإيمان، فقال: "كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلىالله" (تك 9:39).
وإيليا النبى الجبار، عندما تقابل مع تيارات الشر والظلموأنبياء البعل، كان يستمد من الإيمان قوة للشهادة للحق فكان يقول: "حى هو الرب الذىأنا واقف أمامه.." (2مل 16:5).
ومعلمنا بطرس الرسول، عندما طلب منه عدمالمناداة باسم يسوع، كانت ثقته بوجود الله معه، تدعوه أن يفضل الموت على الحياةالمتخاذلة، قائلاً "ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع 29:5).
والأسقفبوليكاربوس الشهيد، عندما قدم للاستشهاد، ووضعت أمامه خطة الإغراءات والتهديدات،كان يقول: "ست وثمانون عاماً لم أر منه إلا كل محبة وإحسان فكيف أغضب هذا المحسنوأنكره وأسجد للأوثان"؟!
يقول بولس الرسول: "ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب، إلا بالروح القدس" 1كو 3:12). وكل من يعلن له الروح القدس شخص المسيح، مخلصاً ورباً وإلهاًمباركاً، ويرفض قبوله، مثل هذا ليس له خلاص، بل يمكث تحت غضب الآب... وكل من يقبلتبكيت الروح، ويصحح مساره، يكون له الحياة الأبدية،
مثلما حدث يوم الخمسين، عندماخطب بطرس الرسول وهو ممتلئمن الروح القدس، ووبخ المجتمعين، حينئذ نخس الروحقلوبهم، وقبلوا كلامه بفرح، واعتمدوا، وأنضم فى ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس (أع 41:2).
2- ويبكت على بر :والبر الذاتى الكاذب، الذى يعتمد على التربية والتنشئة الإجتماعية،ويرفض التوبة والصلاة، وطاعة الوصية، وحمل الصليب، ويكتفى بشكليات خادعة، رافضةممارسة أسرار الكنيسة، ووسائط النعمة التى يعمل من خلالها الروح القدس.. هذا البرالكاذب، يبكته الروح، ويعلن عجزه وقصوره، فالعذارى الجاهلات تم رفضهن، والذى لميرتد ثوب العرس قد طرح فى البحيرة المتقدة.
3- ويبكت على دينونة :
"وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين". هذه الدينونة هى علىالذين صلبوا المسيح، وظنوا فى أنفسهم أنهم نجحوا فى القضاء على الحق، ولكن الرببقيامته قد أباد الذى له سلطان الموت إبليس (عب 14:12). "وجرد الرياساتوالسلاطين أشهرهم جهاراً ظافراً بهم" (1كو 15:12) وأعلن أنه رأى "الشيطان ساقطاًمثل البرق من السماء" (لو 12:10)، (يو 21:12). والتلاميذ الأطهار القديسون، فىكرازتهم، قد كشفوا أكذوبة الشيطان وخداعه، عندما كانوا يطردونه ويهزأون بهبعلامة الصليب الممجد. وكل من يدعى أن إبليس لا يزال قوياً لا يغلب، سوف يبكتهالروح، لأن "رئيس هذا العالم قد دين"، ولم�!
"روحك القدس أيها الرب الذى أرسلته على تلاميذك القديسين ورسلك الأطهارالمكرمين فى الساعة الثالثة، هذا لا تنزعه منا أيها الصالح، ولكن جدده فى أحشائنا".
أعطه أن يبكت الذين يرفضون الطريق الضيق، وعرفهم أن هذه هى الخطيئة التى تجلبعلى الإنسان غضب الآب ودينونته إلى الأبد.
ليت روح الله يبكت كل الذين يعيشونفى تدين زائف، حتى يرفضوا كل بر ذاتى، ويتمسكوا بطاعة الروح، العامل فى الكنيسةالواحدة المقدسة الجامعة الرسولية.
من كتاب اسلكوا بالروح لنيافة الانبا موسى