نعم نؤمن بالروح القدس المنبثق من الآب
قال المعترض: "قال المسيح في يوحنا 26:15 إن الروح القدس ينبثق من الآب. وهذا يعني أن الآب كان موجوداً قبل الروح القدس، وهذا يناقض القول إن الروح القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت، كما يناقض القول إنه واحد مع الآب في الأزلية".
وللرد نقول: انبثاق الروح القدس من الآب لا يعني أنه منفصل عنه أو صادر منه، لأن الآية الخاصة بانبثاق الروح القدس تقول: "روح الحق الذي من عند الآب ينبثق". وشتان بين الانبثاق من الآب والانبثاق من عند الآب. فالروح القدس موجود مع الآب، ثم انبثق أو خرج (أو بالأحرى ظهر) من عنده من تلقاء ذاته.
ولا يُقصد بالعبارة "من عند الآب" مكان ما، لأن اللاهوت منزَّه عن المكان والزمان، بل يُقصد بها التعبير باللغة التي نفهمها، على أن الروح القدس أقنوم خاص، وأنه كان مع الآب قبل حلوله على المؤمنين. ولذلك نرى أن العبارة "من عند الآب" هي بعينها التي استُعملت في آيةٍ أخرى للدلالة على وجود أقنوم الابن مع الآب قبل ظهوره في العالم، فقد قال المسيح: "خرجتُ (أو ظهرت) من عند الآب" (يوحنا 28:16و8:17).
ونلاحظ أن الفعل "ينبثق" مبني للمعلوم وليس للمجهول، وهذا دليل آخر على أن الآب لم يُخرج الروح القدس من ذاته، بل أن الروح القدس هو الذي خرج أو ظهر من تلقاء ذاته. وهذا يبرهن أنه لم يكن جزءاً من الآب، وأخرجه الآب من ذاته، بل أنه كان معه أزلاً.
فإذا رجعنا إلى اللغة الإنكليزية مثلاً، وجدنا أنها لا تعبر عن "من عند" في هذه الآية بـ (Out Of) مثلاً. التي تدل على الانتقال من الداخل إلى الخارج، بل يعبر عنها بـ (From) أي "من عنده". وهذا دليل على أن الروح القدس ليس منبثقاً من الآب بمعنى أنه خارج من ذاته، بل بمعنى أنه خارج (أو ظاهر) من عنده، الأمر الذي يدل على أنه كان بأقنوميته معه، قبل حلوله على المؤمنين.