ابونا اندراوس الصموئيلي
ضيف من السماء بقلم الدكتور : كمال عبد الله
حياة القديس اندراوس الصموئيلى
إصدار : أبناء البابا كبرلس السادس
رقم الإيداع بدار الكتب 2343 / 1989
حياته الاولى :
ولد ابونا اندراوس الصموئيلى بالتقريب عام 1887
بعزبة بشرى حنا التابعة لقرية الجفادون مركز الفشن بمحافظة بنى سويف ،
و كان يدعى يوسف خليل إبراهيم .
فقد بصره وهو في الثالثة من عمره .
تعلم في كتاب القرية بعض المزامير وبعض آيات الكتاب المقدس .
ارسله ابوه الى دير الانبا صموئيل المعترف وهو في الثالثة عشر من عمره ,
بغرض التعلم لا بغرض الرهبنة ،
و ظل بالدير الى ان وصل الى سن الثانية والعشرين .
و لا نه احب الدير كاشف أباه الروحي (القمص اسحق مكسيموس) برغبته في الرهبنة ،
و فعلاً ترهب بالدير باسم اندراوس الصموئيلى .
و بذلك رست سفينة حياته مبكراً في أعماق المحبة الالهيه .
جهاده وفضائله :
ضيف من السماء . . .
الصلاة كانت غذاؤه الحقيقي كاخوته السمائيين
كان لا يكف لحظه واحدة عن رفع عقله وقلبه الى الله .......
كان احياناً يجلس في هدوء محركاً شفتيه دون صوت
و احياناً تسمعه يردد المزامير بصوت عال و لساعات طويلة سواء ليلاً او نهارا .
كان يعيش معاني الكلمات قبل إتقان اللحن ,
حتى لو قال الكلمة عشرات المرات لا تفتر قوتها في وجدانه .
الانسحاق و الاتضاع :
قال عنه الاب كبرلس المقارى :
" عاش القديس ابونا اندراوس الاتضاع كفضيلة و عامل الآخرين معتبرا ذاته خادما للكل " ,
" كان مثلاً " ;
إذا قاده احد الرهبان لمكان ما خارج قلايته كان يخجل ان يطلب منه ان يعيده إليها مره اخرى " .
- يروى تلميذه عنه
كان ابونا اندراوس في زيارة لدير القديس مارمينا بمربوط
و كان يمشى متكأ على عصا وذلك لكبر سنه واعتلال صحته ,
فأخبره تلميذه ان نيافة الانبا مينا رئيس الدير قادماً نحوه ،
فارتبك ابونا اندراوس وهمس فى اذن تلميذه :
" خد العصايه دى خبيها ، عايزنى اقابل سيدنا و انا ماسكها "
خجل القديس من ملاقاة الاب الاسقف ممسكا بعصا فهذا يتنافى مع الاصول الرهبانية ،
فهو يرى نفسه مجرد راهب .
الطاعة و التسليم :
حياة هذا القديس كانت مثالاً للطاعة و التسليم . . .
ففي اوائل عهده بالرهبنة و بالرغم من انه كفيف ,
فقد كلف بجلب المياه يوميا من بئر كانت تبعد مسافة كبيره عن الدير ,
ليملأ حوضاً يتسع لمائه وعشرين صفيحه .
كان يقوم بهذا العمل وحده و لم يطلب ابدا مساعده من احد .
- ذات يوم كان تلميذه يسجل له واحدة من تراتيله العذبة " دون ان يعرف "
و كان التلميذ يطلب منه تكرار جزء او مقطع من الترتيلة عدة مرات ,
فكان يطيع بلا تردد او اعتراض او حتى استفسار عما يجرى حوله .
حياه الشكر :
عاش القديس في الدير سنوات و سنوات لم يسمع منه احد كلمة ضيق ،
حتى اثناء مرضه وخلال إقامته في المستشفى التى امتدت حوالي خمس سنوات ،
و رغم الآلام التى كان يكابدها والعمليات الجراحية الخطيرة التى أجراها ...
لم يسمع منه الأطباء أو الممرضات كلمة ضيق ،
بل كان يذهلهم بقدرته على تحمل الألم بشكر و تسليم تام .
بساطته و حكمته :
كان ابونا اندراوس رغم كبر سنه لايفرق كثيراً عن الأطفال في بساطتهم .
كان يفرح بكل شيء حتى لو اعطيته برتقاله مثلاً كان يفرح بها كثيرا ،
كان يصدق كل شيء تماماً كطفل .
و مع ذلك فقد كانت له حكمة الشيوخ ,
فهو الوقور في جلسته .. المهيب الهادئ المقل في القول ..
لا يفتح فاه إلا إذا وجه اليه سؤال ،
و عندئذ كان يجيب بكلمات قليلة تتجلى فيها حكمة الشيوخ .
سأله تلميذه يوم ما مداعباً :
" يا ابونا اسكندريه احسن ولا الدير احسن " .
فأجابه القديس " يابنى الواحد لما يبني بيت يقعد فيه وللا يسيبه " .
كان هذا الرد عظه للراهب بألا يترك ديره ابدا لانه اصبح بيته .
الرجل الامين :
حدث في زمن الضيق ان تدهورت الاحوال في الدير " دير الأنبا صموئيل المعترف "
فهجره جميع الرهبان و حاولوا اخذ ابونا اندراوس معهم ،
لكنه رفض بشده قائلاً لهم " انا ما سيبش ديرى ابداً .. مايحصلش .. دا انا ابقى ماعنديش اصل "
فضل البقاء فى الدير وحيداً تماماً رغم عجزه و فقدانه بصره ،
خاف الراهب على ديره من البدو المحيطين به …
اغلق الباب بنفسه من الداخل ( لم يكن الدير يغلق من الخارج بل من الداخل ) ،
و ظل يدق جرس الدير مرتين يومياً ليثبت ان المكان عامر
" بالرغم من الصعوبة التى كان يلاقيها ليصل الى الجرس كل مرة وهو الفاقد البصر " .
عاش القديس بمفرده تماماً في الدير لمدة اربعه اشهر ,
كان غذاؤه خبزاً يابساً و ماءاً مالحاً .
الى ان عاد رئس الدير من جولاته لجمع المال للصرف على الدير .
و لا يعلم احد الى اي مصير كان سيؤول اليه الدير عندما يجده البدو مهجوراً ابوابه مفتوحة .
مع السواح :
اثناء وجود القديس بالمستشفى ,
ذهب تلميذه صباح يوم احد لزيارة احد الاباء الكهنة المرضى بالمستشفى في حجرة اخرى ،
و لما عاد التلميذ قال له ابونا اندراوس " كنت فين يا ابونا احنا صلينا و اتناولنا "
وقف التلميذ مبهوتاً اذ ادرك ان اباه سعد بلقاء مع السواح .
مع الانبا صموئيل المعترف :
ذات يوم سأله الاب القمص اثناسيوس من الاسكندريه حول محبته للانبا صموئيل المعترف
اجابه : " مرة قلت للأنبا صموئيل افرض و انا قاعد لوحدى جم البدو و قتلوني حتعمل إيه بقى "
قال لي مايقدروش عليك …. " .
و كلمة مرة هنا تشير الى ان اللقاءات بينهم كانت كثيرة .
كما ان كلمه مايقدروش تعنى انه مؤازر بقوه غير منظوره تحميه من اى اعتداء .
مع العذراء مريم :
كان احد آباء الدير يعامله بقسوة لا تتناسب مع طاعته وخضوعه ,
لدرجه ان فكر في ترك الدير .
و بينما هو غارق في هذه الاحزان اتته الام الحنون تعزيه ,
يقول القديس :
شفتها مرتين وهى حلوه قوى ..
مرة ظهرت لي و كنت زعلان شويه مع نفسي
حسيت بحاجه بترسم صليب فوق راسي و نادتنى باسمي
و قالت لي ماتسيبش ديرك ابداً
قلت لها ياست ياعدرا انت عارفة إن ابونا ( ..... ) مزعلنى
قالت لى ماتسيبش ديرك ابدا و ابونا ( ..... ) انا هاغيره لك و انصرفت
و بعدها مرض ذلك الاب و طلبنى
و قال لي : " مش هاتسامحنى "
قلت له : " ما انت اللى مزعلنى "
قال لى : "خلاص من اليوم مش هازعلك "
قلت له : "طيب حاللنى "
قال لى : " الله يحالك "
و بعدها بوقت قصير تنيح ابونا ( ..... )
قلت الله بسرعة كده .
لقد غيرت العذراء قلب هذا الراهب نحو القديس ,
كما امرته الا يترك ديره ابداً .
و كان هو الوحيد الذى بقى به تنفيذاً لهذا الامر .
و بقى الدير عامراً حتى الآن .
شفافيته :
ذات يوم بينما كان القديس بدير مار مينا و هو جالس بين الرهبان ,
ان وزع عليهم نيافة الانبا مينا صوراً .
امسك القديس الصورة فسأله تلميذه صورة مين دى يا ابونا ,
فعدل القديس الصورة لانه كان يمسكها مقلوبة قائلاً دى صورة قيامة رب المجد يا ابونا .
ذات يوم و هو بالمستشفى ,
اخذ يوزع صوراً للقديسين على بعض زواره
و جاءت طبيبة بالمستشفى فقال لها : " و خدي انت صورة الست العدرا " .
كيف عرف انها صوره الست العدرا … حقاً إن الله ينير القلوب العامرة بالإيمان .
معجزاته :
اثناء حياته :
تعرض احد العمال الذين كانوا يعملون بدير مار مينا لحادث ,
نتج عنه كسر بأسفل العمود الفقري مع شلل نصفى كامل ،
نقل الى المستشفى الذى كان يعالج بها ابونا اندراوس ،
و ظل لمده شهرين دون تحسن .
و حدث ان توجه والد العامل للقديس ليصلى لابنه ,
فصلى على ماء وقال للاب خد اديله شوية المية دول و ان شاء الله هايخف ويمشى .
وفعلا ... ,
بعد ثلاثه ايام غادر المريض المستشفى يمشى على قدميه .
بعد نياحته :
تنيح القديس يوم 7 فبراير عام 1989 الساعة العاشرة مساءاً
و بعد نياحته ببضعه اشهر روى احد الاباء الكهنة بدير مار مينا
انه اثناء قيامه بخدمة القداس الإلهي بكنيسة الانبا صموئيل بالدير ,
وجد امامه الاب اندراوس بملابسه البيضاء و بقى معه طيلة القداس .
بركة صلوات و شفاعة القديس اندراوس الصموئيلى
تكون مع جميعنا
و لربنا المجد الدائم ابدياً