قديما حينما اشتعلت العليقة أمام موسى ,
وتقدم ليرى هذا المنظر العظيم , حذره الملاك قائلا :
اخلع نعليك لأن الأرض التى انت واقف عليها أرض مقدسة !
وحينما تكلم موسى مع الله على جبل سيناء ,
كان الجبل كله يضطرم بالنيران فحلول الله العظيم فى مكان ما يقدسه .
.فكيف احتملت العذراء مريم حلول الله العظيم فى أحشائها تسعة أشهر كاملة ؟
هذا الذى قيل عنه أن إلهنا نار أكلة , وأنه لا يرانى أحد ويعيش ..
فكيف استطاعت أن تربيه صغيرا حتى بلغ الثلاثين من عمره ؟
. إن هذا لأمر محير و عجيب , فقديما تحير الكثيرون .
ولعل البعض منهم بالغ فى أكرامها حتى جعلها شريكة فى الخلاص ..
والبعض الأخر لا يعطيها كرامتها الواجبة ,
والحقيقة أن كنيستنا الارثوذكسية اعتدلت بين النقيضين .
وقد كرمت السيدة العذراء كنيستنا بظهورها لنا فى العصر الحالى .
وقد ظهرت قديما بعض الهرطقات عن السيدة العذراء نستعرضها فى إيجاز........
1- عقيدة والدة الاله :
قوم هذه العقيدة الكثيرون الذين ينكرون على السيدة العذراء لقب والدة الاله ومنهم :
أ- الدوسيتيون : وهم يعتبرون أن المسيح عبر فى العذراء دون ان يأخذ من جسدها شيئا إذ يقولون أنه لم يصر انسانا حقيقيا بل بدا كانه إنسان , منهم على سبيل المثال مرقيون (سنة 85 – سنة 160 م) ,وهو اعتبر ان المسيح لم يولد من مريم بل ظهر فجأة فى جسد خيالى شخصا كامل النمو مستعدا لبء الخدمة .....
ب- المانية : ويؤمن أصحاب هذه البدعة ان المسيح ليس ابنا لمريم .
ت- الاريوسية : وقد أنكروا ألوهية السيد المسيح وبالتالى أنكروا امومة مريم العذراء لله .
ث- النسطورية : وكان نسطور يطلق على والدة الاله اسم < خريستوطوكس > أى والدةالمسيح قائلا : ليت أحدا لا يسمى مريم والدة الاله , لأنها لم تكن سوى أمرأة ومن المستحيل أن يولد الله من أمرأة ولكننا نحن الارثوذكسين لم نطلق هذا اللفظ عليها من أنفسنا ,
فقد سبقتنا اليصابات فى انجيل لوقا واعلنتها صراحة حين زارتها مريم فردت قائلة ( من أين لى أن تأتى أم ربى إلى ) <لو 1:23> ,
وعلى هذا فلفظ والدة الاله ورد فى الانجيل , ولكننا توكيدا لهذا المعنى نقول أنه حقا لم تعط القديسة مريم إبنها ألوهيته أثناء التجسد ومع ذلك يقول القديس كيرلس الاسكندرى :
ان هذا لا يقلل من حقها فى التمتع بلقب والدة الاله ,
لأنه قد ولد منها الجسد المقدس بنفس عاقلة وهو الجسد الذى اتحد به شخصيا الكلمة ,الذى قيل عنه أنه ولد بحسب الجسد , ومادانت العذراء القديسة مريم ولدت بالجسد لله الذى صار واحدا مع الجسد بحسب الطبيعة لهذا السبب ندعوها والدة الاله ولا نعنى بذلك أن طبيعة الكلمة كانت وجودها من الجسد .
وقد وقف القديس كيرلس الاسكندرى امام مجمع افسس يتحدث قائلا :
السلام لمريم والدة الاله كنز العالم كله الملوكى ,
والمصباح غير المنطفئ إكليل البتولية صولجان الارثوذكسية ,
الهيكل غير المفهوم مسكن غير المحدود الام العذراء .
وفى مجمع افسس عام 431 م تقرر حرمان نسطور ووضعت مقدمة قانون الايمان التى صاغها القديس كيرلس وهى
" نعظمك يا أم النور الحقيقى ونمجدك أيتها العذراء القيسة مريم والدة الاله..... "
والكنيسة الارثوذكسية فى صلواتها تمنحها هذا اللقب فتقول المجد لأمك العذراء
( القطعة رقم 23 من لحن قوموا يا بنى النور ) وايضا من اجل هذا كل واحد يرفعك يا سيدتى والدة الاه القديسة كل حين .....( من ثاؤطوكية الاحد ).
2- قضية الحبل بلا دنس :
هناك اعتقاد نادى به بابا روما بيوس التاسع سنة 1854 م وهو يقول أن العذراء مريم تمتعت بميزة خاصة وهى أنها منزهة عن الخطية الاصلية منذ الحبل بها ولكن الكنيسة الارثوذكسية رغم انها تكرم العذراء مريم ممجدة إياها فوق الارواح السماوية ومعتبرة إياها أكرم الشاروبيم وأرفع السيرافيم ,إلا أنها نادت بأن العذراء حملت الخطية الجدية شأن كل ابشر ,
ولكنها لم تشترك مع بقية البشر فى السقوط فى الخطايا .
وإذا كان الله قد اختار العذراء لتكون بلا خطية جدية فمعنى هذا أنها لم تكن محتاجة إلى فداء ,
لأنه تم فداؤها من قبل الله وهى بالتالى تكون مفرزة عن جميع البشر .
لقد ولدت العذراء حاملة الخطية الجدية بدليل قولها :
" تبتهج روحى بالله مخلصى " فهى كانت ضمن المنتظرين عمل الفداء .
3- هل العذراء مريم شريكة فى الخلاص :نادى البعض بأن العذراء شريكة فى الخلاص لزيادة إكرامها ,
ولكن لكون العذراء مريم والدة الاله لايؤهلها بأى حال من الاحوال أن تكون شريكة فى عملية الفداء والخلاص ,
لأن ذلك يستلزم طبيعة ألهية أما طبيعة مريم فبشرية وظلت محفوظة بالنعمة تنتظر الفداء والخلاص والقيامة إلى يوم الخمسين بفعل إيمانها وصلاتها وحلول الروح القدس عليها , وشريكتها مع التلاميذ فى الجسد والدم بحالة اتضاع كأمة للرب أى عبدة وليست فادية أو مخلصة .
وفى النهاية نرجو شفاعة والدة الاله القديسة مريم لجنس البشرية حتى ينعم علينا إلهنا بغفران خطايانا .
-- حتى تهزم مخاوفك ولا تستسلم لها ..
-- سلّمها للرب فيتولّى هو أمرها ..