قد انهال
التاريخ على المرأة ولطّخ صورتها ووصفها بكل العيوب، فهي سرّ الشر وهي سبب
إغواء الرجل وبالتالي سقوطه. لكن هناك فرقاً بين الإغراء واللياقة
والجاذبية، وعلينا أن نميّز بين ما هو مقدّس وما هو شرير.
اللياقة:
مطلب اجتماعي عادي سواء للرجل أو للمرأة، فإن الظهور بمظهر مناسب ومقبول
يُعتبر من أساسيات الذوق السليم، فاختيار الألوان المناسبة المتناسقة
وتصفيف الشعر، وارتباط موديل الملابس مع شكل الجسم ونوع الحذاء إلى غير
ذلك، كلّها تعبّر عن اللياقة والاختيار السليم، كما أنها تعطي إحساساً
داخلياً عميقاً باحترام الذات، والراحة النفسية، والإحساس باحترام الآخرين.
وما يُعتبر من اللياقة في مجتمع ما قد لا يُعتبر كذلك في مجتمع آخر يختلف
عنه في العادات والتقاليد، ولهذا فالإنسان ابن مجتمعه وعليه أن يراعي ما هو
سائد في كل مجتمع، ويتقيد به قدر الإمكان.
الجاذبية:
يعتبر المظهر اللائق جذاباً عادة، وقد جرى أن نتحدّث عن جاذبية المرأة، لكن
مبدأ الجاذبية ينطبق على الرجل أيضاً، وخصوصاً عندما يسعى للمحافظة على
لياقة معينة. إلا أن الجاذبية لا ترتبط بالمظهر فقط، فإن شخصية الإنسان
تشمل عقله، وعمله، وطريقته في التصرف، وأسلوبه في العلاقات مع الآخرين،
وكلماته، ومظهره. هذه كلها تقف معاً، وقد أساء الناس في بعض المجتمعات
تفسير الجاذبية على أنها شرّ، واعتبروا قيام الشخص بجذب الناس بالكلمة
الحلوة والتصرف الناضج والمظهر اللائق أمراً خاطئاً، وخصوصاً إذا كانت
امرأة. إن رغبة الإنسان المخلصة أن يكون جذاباً، هي جزء هام من تكوينه
الاجتماعي، فقد خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى، ومنذ بداية الخليقة كان
الإنسان كائناً اجتماعياً لا بدّ له من مشاركة الآخرين ومشاركة الآخرين له.
وقد خصّ الله الأنثى بجاذبية خاصة في جسدها وفي حركاتها وملامح شخصيتها
كعواطفها الفياضة وصوتها الحنون، مما يجعلها جذابة حتى في أسوأ الظروف،
وهذه خطة الله لخلق حواء التي أحبها آدم كثيراً وفرح بها وانجذب نحوها.
الإغراء:
أما الإغراء فهو عنصر مختلف تماماً عن الجاذبية، فالإغراء هو أن يعاون
الشخص المغري شخصاً آخر على أن يضعف أمامه، فالمرأة التي تعمل على أن تسقِط
رجلاً معها تغريه، كما أن الرجل الذي يعمل على إسقاط المرأة معه جنسياً
يقوم حتماً بالإغراء، ومع أنّ الجاذبية تساعد على الإغراء، إلا أنه ليست كل
جاذبية من جهة الرجل أو المرأة بالضرورة إغراءاً، كما أنه لا يجوز أن نتهم
المرأة ونقصر الإغراء دائماً عليها وحدها بل على الرجل أيضاً، فهناك امرأة
يقع الرجال في حبائلها، وهناك رجل تقع النساء في حبائله. إنّ رغبة الرجل
قد تتطلع إلى المرأة بعين الشهوة، وإن لم تقصد هي أو العكس، وبذلك يكون
الناظر مسؤولاً عن هذه الخطية، إلا أنّ السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل
يجب على المرأة أن تختفي خلف ستار لكي لا يسقط الرجل فكرياً بالخطية؟ هل
تحرّم المرأة في المجتمع، ويُحرَم المجتمع من المرأة لمجرد الخوف من أن
يراها الرجل فيُعجب بها ويشتهيها؟ وهل تُمنع المرأة من الزينة حتى لا يعثر
الرجل؟
لقد واجه السيد المسيح هذه المشكلة، فقد كان الرجال في
عصره ينادون بإخفاء المرأة اليهودية، وعدم مواجهتها للرجال في الأماكن
العامة لحماية الرجل. وقد رفض السيد المسيح هذا الأسلوب ودعا النسوة في
المجتمع للعمل وللخدمة، فالطهارة التي تنتج عن عدم وجود التجربة ليست
بطهارة، كما أنه ليس من العدالة حرمان "الأنثى" من الحياة لصالح الرجل. إنّ
احتكاك الرجل والمرأة في المجتمع يحوّل النظرة المتبادلة من نظرة باحثة عن
المتعة الجنسية، إلى نظرة إنسانية كريمة بنّاءة، لذلك كان أسلوب المسيحية
من بدئها أن يكون مجتمع الكنيسة الأولى مجتمعاً مختلطاً.
إن
الإغراء الشرير هو إرادة الشر سواء من طرف الرجل أو المرأة، والجاذبية
الإنسانية العادية لا تتحوّل إلى إغراء ما لم تدخلها إرادة الشر، وقد تدخل
إرادة الشر دون وجود المظاهر الجذّابة. تذكّري أن إرادة الله صالحة
ومباركة، ولا نريد أن نحوّل كل شيء صالح إلى شرّ عظيم، وكلمة الله تعلّمنا
وتوجّهنا نحو التدرّب على ضبط النفس الذي هو العنصر الأساسي في الإيمان،
وكلّ شخص يمارس حريته من خلال إيمانه، وهذا فقط ما يحفظنا من الزلل.
_________________
الاخبار الخاصة والعامة
التصاميم والابداع
الاخبار الرياضية