إزار على عُريه !
"وتبعه شاب لابساً إزاراً على عريه فأمسكه الشبان، فترك الإزار وهرب منهم عُرياناً" (مر 14: 51 ، 52)
بعد أن تبرهن ضعف التلاميذ عندما أتى اليهود ليقبضوا على المسيح إذ "تركه الجميع وهربوا" (مر 14: 50 ) نقرأ عن شاب غامر وتبع الرب يسوع ليهرب بعد ذلك بخزي عظيم، وربما كان هذا الشاب هو مرقس نفسه.
لقد كان عرياناً مع أنه كان مئتزراً بثوب. فيبدو أنه لم يسبر غور خرابه الداخلى وضعفه وعجزه .. ويبدو أنه كان مخدوعاً بالثقة في ذاته وبالثقة في إزاره (ثوبه الكتاني أو الذي من البز - بحسب ترجمة داربى). لقد كان يتصور أن هذا الثوب الكتاني يكسبه بعض الحماية. ألم تكن ثياب الكهنة من الكتان أو البز الأبيض النقي؟ ولكن جاء وقت اضطر فيه هذا الشاب أن يترك ثوبه خلفه، ولم يتبق له إلا عُريه الـمُشين وخزيه الأعظم .. لقد كانت محاولته لإخفاء عُريه واتباع الرب، محاولة فاشلة.
وفى جنة عدن - جرَّد الشيطان الإنسان من رداء البراءة، وتركه عرياناً لا يصلح لحضرة الله. وعندما اكتشف آدم وحواء حالتهما هذه، حاولا أن يعالجاها "فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر". ولكن مآزر التين لم تكن كافية لتجعلهما ملائمين لحضرة الله، بل عندما سمعا صوت الله اختبأ منه وهما لازالا يشعران بأنهما عريانان. وكذلك دائماً مع ثياب الإنسان التي يصنعها لنفسه، ولو أن الشيطان يحرضه على صُنعها ويوهمه بأنه متأنق في هندامه، ولكن "تكتسون" يقول حجى "ولا تدفأون" (حجى1: 6) . وكذلك نقرأ في إشعياء بخصوص ذلك "خيوطهم لا تصير ثوباً، ولا يكتسون بأعمالهم" "لأن كل أعمال برنا كثوب عدّة" (إش59: 5، 64: 6).
إن "الرداء" أو "الإزار" يمثل من الناحية الروحية بر الإنسان. أفليس هو الذي يستر الإنسان عن الإنسان؟ ويظن الإنسان أنه يصلح أيضاً ليستره أمام الله، ولكن في الحقيقة لا يوجد سوى شخص المسيح نفسه يصلح لستر الإنسان الخاطئ في حضرة الله القدوس.
أيها الأحباء .. صحيح أن لي خطاياي، ومن ثمّ أحتاج إلى المسيح. لكن حتى وإن كان لي بر، فيجب أن أطرحه عنى، وبكل فرح وغبطة أخفى نفسي في ذلك الشخص المجيد (فيلبى3: 4-9) . يجب أن نخلص من برنا الذاتي ونقبل عوضاً عنه البر الذي يعلنه الله ويحسبه لنا بالإيمان ... وعندئذ أستطيع أن أتبع المسيح واثقاً فيه ومتكلاً عليه.