جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق
قال المعترض: "في الكتاب المقدس استعارات غامضة، كقول المسيح في يوحنا 55:6
وللرد نقول: كلام المسيح واضح وبليغ، وقد قال في ذات الأصحاح: "أنا هو خبز الحياة" (يوحنا 48:6). فكما أن الخبز يعطي الحياة، كذلك يعطي المسيح الحياة الأبدية لكل من يؤمن به. وقد وضع المسيح قبل صلبه بعض إشارات محسوسة تشير إلى الفوائد التي منحها لنا موته، وهي الخبز والخمر.
فوجه الشَّبه بين هذه العلامات وبين جسده ودمه هو:
(1) كما أن الخبز هو الجوهر الضروري لحفظ الحياة الطبيعية، لأنه لا يمكن لأحد أن يعيش بدونه، فكذلك لا شيء ألزم للإنسان من المسيح، خبز الحياة النازل من السماء. فكل من أكل منه (أي آمن به) يحيا إلى الأبد.
(2) كما أن الخبز يغذي الجسد ويقويه، فكذلك جسد المسيح المكسور على الصليب يغذي روح الإنسان.
(3) كما أن الخبز هو الغذاء العمومي للجميع، فكذلك الخلاص الذي أوجده المسيح بموته هو للكل.
(4) كما أن كل إنسان سليم يميل إلى الخبز، كذلك خبز الحياة النازل من السماء، فإن المؤمن سليم العقل يلتذّ به.
(5) كما أن الخبز لا يفيد الإنسان ما لم يستعمله، كذلك لا نستفيد من الفداء العظيم ما لم نؤمن به.
أما أوجه الشَّبه بين الخمر وبين دمه فهي:
(1) كما أنه يلزم عصر العنب لنحصل على النبيذ، كذلك سُحق المسيح، وسال دمه لترتوي أنفسنا به وتحيا.
(2) كما أن طبيعة الخمر مفرحة ومقوية، فكذلك دم المسيح مفرح ومقوٍ للنفس، فتقاوم مكائد إبليس.
(3) وفي النبيذ خاصية طبية، فكذلك دم المسيح هو الدواء المناسب للخطاة.
فوضع المسيح هذين العنصرين في العشاء الرباني لنخبر بموته إلى أن يجيء. وكان المسيحيون الأولون يعرفون المقصود بقول المسيح. والمسيح قال إن الكلام الذي أكلمكم به "هو روح وحياة".