أمرين يبرهنان أن يسوع هو المسيا، أي المسيح المخلِّص المنتظَر، أولهما قيامته وثانيهما تحقيق نبوات العهد القديم فيه. وقد حوى العهد القديم، الذي كُتب على مدى خمسة عشر قرناً، مئات عديدة من النبوات عن المسيا المخلص الآتي. وقد تحققت هذه النبوات كلها في يسوع، وهذا دليل على صدق رسالته.
أولاً - هدف النبوات عن المسيا المخلّص الآتي :
1 - هدفها الأول أن توضّح أن اللّه هو الإله الحقيقي، صاحب المعرفة الشاملة، والذي لا بد أن تتحقق كلماته.
لَيْسَ اللّهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ، وَلَا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلَا يَفِي؟ " العدد 23: 19 " .
2 - أما الهدف الثاني فهو أن كل الأشياء خاضعة للإرادة الإلهية.
اُذْكُرُوا الْأَّوَلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ لِأَنِّي أَنَا اللّهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الْإِلَهُ وَلَيْسَ مِثْلِي. مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِا لْأَخِيرِ وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ، قَائِلاً: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي " إشعياء 46: 9 و10 " .
3 - أما الهدف الثالث فهو التعريف بالمسيا حين يجيء، لأن فيه تتحقق النبوات:
بِالْأَّوَلِيَّاتِ مُنْذُ زَمَانٍ أَخْبَرْتُ، وَمِنْ فَمِي خَرَجَتْ وَأَنْبَأْتُ بِهَا. بَغْتَةً صَنَعْتُهَا فَأَتَتْ,,, أَخْبَرْتُكَ مُنْذُ زَمَانٍ. قَبْلَمَا أَتَتْ أَنْبَأْتُكَ، لِئَلَّا تَقُولَ: صَنَمِي قَدْ صَنَعَهَا، وَمَنْحُوتِي وَمَسْبُوكِي أَمَرَ بِهَا " إشعياء 48: 3 ، 5 " .
ا لَّذِي سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ، عَنِ ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ، وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللّهِ بِقُّوَةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الْأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا " رومية 1: 2 - 4 " .
ثانياً - العهد الجديد يشير إلى النبوات القديمة:
1 - أشار المسيح إلى نبوات العهد القديم بخصوصه في الشواهد التالية:
لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الْأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لِأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ " متى 5: 17 " .
ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الْأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ " لوقا 24: 27 " .
وَقَالَ لَهُمْ: هذَا هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ، أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ " لوقا 24: 44 " .
فَتِّشُوا الْكُتُبَ لِأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي. وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ,.. لِأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لِأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلَامِي؟ " يوحنا 5: 39 ، 40 ، 46 ، 47 " .
فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُّوَةُ إِشَعْيَاءَ,.. " عن الأمثال في متى 13: 14 " .
فَإِنَّ هذا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلَاكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ " عن يوحنا المعمدان في متى 11: 10 "
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الّزَاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا " متى 21: 42 " .
وَأَمَّا هذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الْأَنْبِيَاءِ " متى 26: 56 " .
وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الْإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابٍ بِقُّوَةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ، " مرقس 13: 26 مقتبسة من دانيال 7: 13 ، 14 " .
ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ. فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ " لوقا 4: 20 و 21 ".
لِأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لِأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ " لوقا 22: 37 " .
لكِنْ لِكَيْ تَتِمَّ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ فِي نَامُوسِهِمْ: إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلا سَبَبٍ " يوحنا 15: 25 " .
2 - وقد أشار الرسل إلى هذه النبّوَات في الشواهد التالية:
وَأَمَّا اللّهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ، أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ قَدْ تَمَّمَهُ هكَذَا " أعمال 3: 18 " .
لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا " أعمال 10: 43 " .
وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ، أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ. وَل كِنَّ اللّهَ أَقَامَهُ مِنَ الْأَمْوَاتِ " أعمال 13: 29 و30 " .
فَدَخَلَ بُولُسُ إِلَيْهِمْ حَسَبَ عَادَتِهِ، وَكَانَ يُحَاجُّهُمْ ثَلَاثَةَ سُبُوتٍ مِنَ الْكُتُبِ، مُوَضِّحاً وَمُبَيِّناً أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الْأَمْوَاتِ، وَأَنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ يَسُوعُ الَّذِي أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ " أعمال 17: 2 ، 3 " .
فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الْأَّوَلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ " 1 كورنثوس 15: 3 ، 4 " .
ا لَّذِي سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ " رومية 1: 2 " .
لِذ لِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضاً فِي الْكِتَابِ: هَئَنَذَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَاراً كَرِيماً، وَالذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى " 1 بطرس 2: 6 " .
فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْبِ، وَسَأَلَهُمْ: أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟ فَقَالُوا لَهُ: فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، لِأَنَّهُ هكذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لِأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ " متى 2: 4 - 6 " .
وقد تحقّقت في المسيح كل الأعياد الكهنوتية اليهودية " جاء ذكر هذه الأعياد في سفر اللاويين أصحاح 23 " .
" العيد " تحقيقه في المسيح
الفصح " أبريل نيسان " موت المسيح " 1 كورنثوس 5: 7 " .
الفطير " أبريل " الحياة المقدسة " 1 كورنثوس 5: 8 " .
الباكورة " أبريل " القيامة " 1 كورنثوس 15: 23 " .
الخمسين " يونيو - حزيران " حلول الروح القدس " أعمال 1: 5 ، 2: 4 " .
الأبواق " سبتمبر - أيلول " جمع إسرائيل " متى 24: 31 " .
الكفارة " سبتمبر " التطهير بالمسيح " رومية 11: 26 " .
المظال " سبتمبر " الراحة والثبوت في المسيح " زكريا 14: 16-18 " .
وتحقيق هذه النبوات يدلّ على:
1 - هناك فكر إلهي واحد من وراء العهدين القديم والجديد.
2 - إثبات حقيقة اللّه.
3 - صحة ألوهية المسيح.
4 - صحة وحي الكتاب المقدس.
ونحن نجد في العهد القديم نحو 300 نبّوة عن المسيح، تحقّقت كلها فيه. وقد يوجّه أحدهم إلينا اعتراضاً بأن هذه النبوات كُتبت في زمن المسيح أو بعده بقليل، وهكذا تبدو لنا اليوم أنها حقيقة!
ولكن هذا القول مردود بأن آخر أسفار العهد القديم كُتب قبل المسيح ب 450 سنة، كما أن ترجمة العهد القديم لليونانية " المعروفة بالسبعينية " أُكملت في عهد بطليموس فيلادلفوس " 285 - 246 ق. م " . وإن كانت الترجمة قد تمَّت عام 250 ق.م، فلا بد أن الأصل كان موجوداً من قبل ذلك! ويكفي هذا دليلاً على أن النبوات عن المسيح كُتبت قبل مولده بمئتين وخمسين سنة على الأقل، وقد تحققت جميعها فيه.