اكمل نصيب للمؤمنين هو ان يكونوا فى بيت الآب الحنون نائلين الاجتماع الذى لا يعقبه فراق فى البيت السماوى
كفى بالقديسين ان يتمتعوا بالوجود فى حضرة الله , فهذا هو منتهى الفخر والمجد والسعادة التى تفوق كل سعادة
الله لم يخلقك للارض بل للسماء , لم يخلقك للفانى بل للباقى
ان كنت تحرص على الاشياء التى لا تضمنها , فكيف لا تحرص على ذاتك مع علمك الاكيد بموتك
الموت حرب شديدة لا يقوى على الدخول في ميدانها الا كل جندى عاش متسلحا بالفضائل
عطاء الحياة الابدية للنفس المختارة هو اعظم من استحقاقها لانه سيكون بنسبة جود الله وسخائه
الابدية لا نهاية لها , فهى ما لا تدركه عقول المخلوقات
فى الابدية سيعترف كل خاطىء بفظاعة الشر الذى ارتكبه وهو لم يكن يدرى انه شنيع
اعتبر نفسك غريبا مهما كان لك من المجد والغنى , وثق انك منطلق الى اب غنى والى ديار مخصبة ذات منظر بهى
اسماء الناس مكتوبة على صفحات الماء فهى تمحى سريعا وتزول من اذهان خلفائهم ولا يبقى لهم ذكر بين الناس
الناس حول الدنيا يسجدون وبها يتغنون ومجدها يعشقون ولا يعرفون ان فى داخلها الفساد والمنون
كيف لا يحب المؤمن الانتقال وهو يعلم انه سيشاهد الله تعالى
الخاطىء يشعر حين الموت ان كل ما تعب فيه للعالم كان باطلا , وقد ذهب هباء منثورا
ليس من حى تراه الآن فى الوجود الا ولاجله نهاية , ولا يعيش انسان الا ويزول فقبلك كان قوم من البشر مثلنا وكانوا يحبون الحياة كما نحبها نحن , ولكن لما انصرم حبل حياتهم لحقوا بمن سبقهم وضمتهم الارض كما ضمت اسلافهم
لا تدع عيناك تنظران الى كل ما تريانه فى ارض العبور , ولا تجعل قلبك يتعلق بشىء منها
كل شىء بطبيعته يطلب مركزه الاول ويميل اليه , هكذا ينبغى لنفوسنا ان تحن للسماء وتشتاق للاله , لان السماء مسكنها الابدى والله مصدرها التى خرجت منه
عبثا تقود نفسك الى حيث الملاذ العالمية لتريحها وتشبعها فهى لا تستريح الا اذا استقرت فى حضن مبدعها , خلق الله كل شىء لاجل الانسان وخلق الانسان لاجله وحده
http://www.4shared.com/file/27618565/d80ec826/__on line.html
طريق السماء (القس منسى يوحنا)