من الطبيعي أن يمرَّ الإنسان بعاصفةٍ, لا بل بكثيرٍ من العواصف في حياته. ولعل أقساها هو التباعد الشديد بين ما يرغبه وما يستطيع أن يحققه.
إلا أنه يستطيع أن يبدأ بتخطي هذه الصعوبات حين يدرك ماهية المشاعر التي تنتابه عندما يكون في قعر الهاوية, فيعيشها ويعبّر عنها... أي أن يعبّر عن إحساسه بالعزلة أو بالإحباط بعد فشله في تحقيق رغبةٍ كان يرى أنها ضروريةٌ لحياته, وأن كيانه بكامله يقوم على نجاحها...
فإذا استطاع أن يعيش تلك الأحاسيس وأن يعبّر عنها, سيتمكن من تجاوزها. أما إذا كبتها وقال: إنه لا يليق أن أحسَّ بهذه المشاعر, فسيواجه كارثةً. لأن هذه المشاعر ستُكْبَتُ في لاوعيه، وستتحول إلى قنبلةٍ موقوتةٍ، قد تنفجر في وجهه، وفي وجه من يحب ومن لا يحب...
وتبيّن الخبرة أن التعبير عن المشاعر، يقود إلى شيءٍ من الهدوء والسلام الداخلي. قد يكون ذلك هدوء "ما بعد العاصفة". لكنه, وإن كان مرحلةً مؤقتةً, فإنه يمنح الشخص نوعاً من الصفاء الذهني بعد التنفيس عن مشاعره. فالمرء يشعر بنفسه كما المريض الذي تخدَّرت أحاسيسه من شدة الألم، فلم يعد يتوجع... ويبدأ شيئاً فشيئاً بتقبّل الوضع الذي وجد نفسه فيه... لا شكَّ أن هذا لا يتم إلا إذا صمد الشخص أمام الشدائد، ولم ينكسر أمام أعاصير الحياة.
إنه ينحني لها قليلاً ريثما تمر العاصفة بأمانٍ, فلا يكون كمن يرثون لحالهم كثيراً, ويظنون أن مشكلاتهم هي أهم ما في الكون, فيظلّون دوماً شاكين باكين, يلعنون القدر وسوء الحظ الذي أوصلهم إلى تلك الحالة... ما أقوله ليس مثاليةً بل ثمرة خبرةٍ شخصيةٍ... ولكن المهم أن يستطيع الإنسان تجاوز تلك الحالة, خصوصاً بعد أن يكون قد بذل كل جهده لإنجاح ما كان يريد تحقيقه, متكلاً على الله وواضعاً مشيئته فوق كل مشيئةٍ بشريةٍ ورغبةٍ إنسانيةٍ...
فيا صديقي... لا تحزن ولا تيأس, لأن هذا الفشل ليس نهاية الحياة... انتظر في حزنك شروق شمس يومٍ جديدٍ... تابع مسيرة حياتك وتابع وضع أمنياتٍ وأهدافٍ لتحقيقها في حياتك, آخذاً في عين الاعتبار إمكانياتك وقدراتك ومواهبك, ومتكلاً على الله أولاً وعلى نفسك ثانياً... والله يوفقك...