أحببت الموسيقى منذ صغري ، وتمرنت على عزف العديد من الألحان . ومع تزايد أعمالي , وقلة أوقات الفراغ لديَّ ، صرت أنسى وأهمل العزف والتمرن. ما عدا مقطوعة واحدة ، شُغِف بها قلبي كثيراً . فكنت ألجأ إليها وأعزفها كلما ضاقت أحوالي أو شعرت بكبتٍ أو يأس أو ضيق . أعزفها حسب أهوائي ، فأُطيل بعض المقاييس وأُقصّر بعضها الآخر، أحذف وأضيف كيفما أردت . وهكذا حوّرتُها ، غيَّرتُها ، وأحببت ذلك التغيير .
ذات يوم دُعيتُ إلى حفلة نهاية السنة لمعهدٍ موسيقي ، صعد أحد الطلاب المسرح ، وبدأ يعزف مقطوعتي المفضلة. شعرت بالانزعاج ، ولم استطع سماعها إلى النهاية . لأنها لم تكن كما اعتدت عليها ، كما أعزفها ، كما حورتها أنا.
عندما خرجت عُدت إلى ذاتي . لقد عزف الطالب المقطوعة الأصلية , وبمهارة فائقة . وما شعوري بالانزعاج إلا لأنها لم تكن كما شوهتها بيديَّ .وهنا استعرضت شريط حياتي ، وبدأت أتأمل....