هل يتزاوج البشر والشياطين؟
نسمع قصصاً يرويها البعض أن هناك مِن البشر من يتزاوجون مع الشياطين وينجبون أبناء. فما مدى صحة هذا الكلام؟ وما مصدره؟
يجيب قداسة البابا شنوه الثالث على هذا السؤال قائلاً:
نحن لا نؤمن مطلقاً بهذا الأمر. وليس له أي سند عقيدي أو تاريخي.
فلا نعرف أحداً من البشر يرجع نسبه إلى الشياطين.كما أن مثل هذا الكلام غير مقبول عقلياً. وعليه ردود ككثيرة من الناحية العقيدية، نذكر منها:
الشياطين أرواح، وليست لهم أجساد تتوالد كالبشر.
إنهم أرواح باعتبارهم ملائكة. وقد سماهم الكتاب أرواحاً (لو10: 17، 20). وقال عنهم إنهم "أرواح نجسة" (مت10: 1). وأنهم "أرواح شريرة" (لو7: 21، أع19: 12). فكيف للأرواح أن تتوالد؟! وكيف لهم ككائنات ليست لها أجساد أن تلد كائنات لها أجساد؟
وطبعاً الجنس والزواج لا يوجد بين هذه الأرواح.
فالشياطين ـ وإن كانوا فقدوا قداستهم ـ إلا إنه لا تزال لهم طبيعتهم الملائكية. ولذلك يقول سفر الرؤيا إنه حدثت حرب في السماء بين ميخائيل وملائكته والتنين (أي الشيطان) وملائكته "وحارب التنين وملائكته ... فطُرح التنين العظيم، الحية القديمة، المدعو إبليس والشيطان، الذي يضل العالم كله. طُرح إلى الأرض وطُرحت معه ملائكته" (رؤ12: 7 ـ 9). وماداموا ملائكة، أنظر ماذا قال المسيح عن الملائكة في حديثه عن القيامة. قال:
"لأنهم في القيامة لا يُزوِّجون ولا يتزوجون، بل يكنون كملائكة الله في السماء"
(متى22: 30).
إذن الملائكة لا يُزوِّجون ولا يتزوجون. والشياطين ملائكة تنطبق عليهم هذه الصفة.
إنهم قد يُثيرون النواحي الجنسية بين البشر، ولكنهم هم أنفسهم ليست لهم هذه الخواص الجنسية. فقد يظهر الشيطان في شكل رجل أو في شكل امرأة. ولكن:
لا يوجد شيطان امرأة، ولا شيطان رجل ...
لا يوجد بين الشياطين ذكر وأنثى. ولا توجد لهم أجساد رجال، ولا أجساد نساء. وبالتالي لا توجد فيهم مواد الإخصاب، من حيوانات منوية أو بويضات. ولا يستطيعون أن يكونوا مصدراً لإيجاد إنسان، ولا حتى لإيجاد شياطين.
فالشياطين سبب كثرتها هو كثرة عدد الساقطين من الملائكة، وليس هو توالد بين الشياطين.
فإن كانوا لا يتوالدون فيما بينهم، فبالأحرى مع البشر.
والتوالد يحتاج إلى توافق في النوع أو الفصيلة.
فلا يحدث مثلاً توالد بين سمك وطير، ولا بين طير وحيوان ولا بين حيوان وسمك ... ولا بين إنسان وطير ... لابد إذن من توافق في الجنس والنوع. وعلى نفس القياس لا يمكن أن يحدث توالد بين إنسان وشيطان، بالإضافة إلى أن الشيطان ليس له جسد.
إن التاريخ لم يقدم لنا مثالاً واحداً لهذا التوالد.
لا نعرف شخصاً واحداً قد ولد من أبوين، أحدهما إنسان والآخر شيطان، حتى يقدم لنا إجابة عن سؤال محير، وهو أي الطبيعتين تكون الغالبة في هذه العلاقة حتى يكون النسل إنساناً أو يكون شيطاناً، أو (شيطوإنسان) ..! وهل يكون مرئياً أم غير مرئي ...!
ولعل مصدر هذا السؤال كله، هو قصص العفاريت.
التي يحكونها للأطفال، والتي تزدحم بها مكتبات قصص الأطفال للأسف الشديد ... بالإضافة إلى القصص التي يتوارثها العامة وأهل الريف، ويتداولون حكاياتها، وربما تشكل جزءاً هاماً من الفلكلور الخالص بهم